السيارات الكهربائية في مصر||لعبة خفية وصراع عالمي||وسباق BMW وBYD وTesla|| مع شريف دياب

السيارات الكهربائية في مصر||لعبة خفية وصراع عالمي||وسباق BMW وBYD وTesla|| مع شريف دياب


في هذا الحوار تُطرح رؤية شاملة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم العربي بوصفها ملفًا تقنيًا-اقتصاديًا وأيضًا قضية أمن قومي. يدور الحديث مع المهندس شريف دياب، مؤسّس ومدير شركة EV Read، حول التكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، والتعليم، وثقافة العمل، وطموحات التوطين في مصر.

البطاريات والأمن القومي

يرى دياب أن بطاريات الليثيوم-أيون وأنظمة إدارتها (BMS) مكوّنات “حرجة أمنيًا”: أي خلل برمجي أو حراري قد يحوّلها إلى “قنابل موقوتة”. كما أن اتصال السيارات بالإنترنت والتحديثات عن بُعد يفتح بابًا لاختراقات إن لم تكن البرمجيات محلّية السيادة. لذا تتعامل دولٌ كأمريكا مع تقنيات المركبات الكهربائية بوصفها ملفًا أمنيًا يقيّد الاستيراد من خصوم.

كيف تعمل السيارة الكهربائية؟

يُبَسِّط الفرق: السيارة التقليدية تعتمد محرك احتراق داخلي، أما الكهربائية فتعتمد موتورًا كهربائيًا يغذّيه تيار مستمر من البطارية (DC)، بينما يعمل الموتور بتيار متردد (AC). هنا تأتي أهمية الإنفرتر لتحويل التيار والتحكم في السرعة والعزم. قلب المنافسة عالميًا هو البطارية: كيمياء الخلايا، الإدارة الحرارية، وسلامة التشغيل.

الفجوة العربية وسلاسل الإمداد

محليًا، تُصنّع الهياكل والشاسيهات في مصر، لكن قلب نظام الجر (بطارية، إنفرتر، وحدة تحكم VCU) غالبًا مستورد، فتظل الملكية الفكرية والرؤية الكاملة للتقنية خارج المنطقة. هدف EV Read هو توطين هذا القلب التقني ليصبح للعرب دورٌ مُنتِج لا “مُورِّد خدمات” فقط.

السيرة المهنية لشريف دياب

تخرّج من هندسة المنوفية (ميكانيكا قوى)، تبِعَه ITI، ثم ماجستير بألمانيا؛ عمل سبع سنوات في أبحاث وتطوير مرسيدس-بنز بشتوتجارت، ثم إدارة في Valeo مصر. أسّس لاحقًا شركة برمجيات تعاملت مع BMW ورينو وGM، قبل إطلاق EV Read.

التعليم: أساس قوي وفجوة تطبيق

التعليم الهندسي في مصر قويٌ في الأساسيات، لكن الفجوة في التطبيق والارتباط بالصناعة. في ألمانيا الجامعات متشابكة مع شركات كبرى في أبحاث وتدريب يمتد إلى مشاريع التخرج. الحلّ المقترح: جامعات تكنولوجية تجسر دور “المهندس/الفني”، مع حواضن لتوطين البحث والتطوير وبناء علامات وتقنيات محلية.

ثقافة العمل: الفرد والنظام

فنيًا قد يكون المهندس المصري قويًا، لكن المنظومة الإدارية والاتصالية تقلّل المردود. في ألمانيا النظام يستوعب الأفراد بكفاءة ضمن ساعات عمل واضحة وحقوق متوازنة، ما يرفع كفاءة الألوف مجتمعين. بدأت بعض شركات البرمجيات في مصر استلهام هذه الثقافة.

العودة إلى مصر وفرص النمو

عاد دياب لأسباب إنسانية ومهنية: قرب الأسرة ونمط حياة أكثر حيوية، مع مرونة سوق محلي ودعم حكومي وتمويلي يتيح تحقيق إنجازات أسرع من البيئة الأوروبية أحيانًا.

الجدوى الاقتصادية للتوطين

منافسة الصين سعريًا صعبة في البدء، لكن التصنيع المحلي يمنح مزايا: تقصير الدورة النقدية (بدل تجميد رأس المال شهرين للاستيراد)، توافر المخزون، رفع المحتوى المحلي، وخدمة أسهل. هناك طلب محلي فعلي على المكونات متى توافرت بأسعار مقاربة للصين.

المشهد العالمي: صراع البطاريات والبنية التحتية

الصين تتفوّق في الكلفة وسلاسل الإمداد؛ أوروبا/أمريكا في بعض جوانب التقنية داخل المركبة. الحاسم سيكون ابتكار البطارية: مدى أطول وزمن شحن أقصر (تقنيات واعدة مثل الصوديوم والـSolid-State). لكن الانتشار يظل مرهونًا ببنية الشحن وشبكات الكهرباء، ما يدفع كثيرًا من الشركات للعودة إلى محركات الاحتراق والهجينة كحل انتقالي.

طموحات EV Read وخطة الإنتاج

تركّز الشركة على مكونات الجهد المنخفض (دراجات كهربائية، عربات جولف ومرافق) كبوابة للتوسع. البداية المخطط لها للإنتاج: أوّل 2026 للـBMS والبطارية، مع استهداف بقية المكوّنات الإلكترونية بحلول منتصف 2026. الهدف أن تكون بديلًا موثوقًا للمكوّنات الصينية في المنطقة.

الشراكات المحتملة محليًا وعالميًا

محليًا: انفتاح على شراكات تصنيع مشتركة مع مجموعات كبرى (راية، غبور) الداعمة للتوطين. عالميًا: شراكات مع Tesla أو BYD مُرحّب بها لالتقاط “النو-هاو” الأحدث، خصوصًا في كيمياء الخلايا والبرمجيات؛ امتلاك المعرفة يسبق امتلاك المصنع.

التمويل والمستثمر “ذو القيمة”

الاحتياج ليس “مالًا مجردًا” بقدر ما هو مستثمر ذو علاقات وقوة سوقية لفتح أسواق السعودية والإمارات. توجد برامج تمويل محلية ميسّرة؛ لذا الانتقائية في اختيار رأس المال الجريء مرتفعة.

مبادرة التعلم الإلكتروني: “كورس-باكس”

أطلق دياب منصة Course-Pax بمسارات مهنية تدمج التقني مع المهارات الناعمة وإدارة المشاريع لتجهيز الخريجين لسوق يطلب “جاهزية من اليوم الأول”، مع خصومات ثابتة لطلبة الجامعات تعزيزًا للنفاذ.

فلسفة الإدارة والقيادة

جوهر دور المدير التنفيذي: الإيمان بالفكرة والناس، اختيار الفريق الصحيح ثم الثقة به، وحُسن اتخاذ القرار. الأمانة في إدارة المال وأعمار الموظفين أساسية، والعلاقة يجب أن تكون رابح/رابح: مسارات تطوّر واضحة، تعلم مستمر، وبيئة نفسية إيجابية. مشكلات الانفصال نادرة وغالبًا متصلة بضعف الملاءمة والتحفيز لا الكفاءة.

رسالة إلى خريج الهندسة

السوق صعبٌ لكنه يُكافئ الجاهز: استثمر في نفسك عمليًا ونمِّ مهاراتك الناعمة. الجامعة بداية السباق لا نهايته؛ وقد يتنافس عشرة أكفاء، لكن من يمتلك ممارسة حقيقية وقدرة اندماج سريع يفوز بالفرصة.

خاتمة

توطين تكنولوجيا المركبات الكهربائية رهانٌ على العقول والتحالفات الصحيحة أكثر منه على الخرسانة. البداية المتواضعة يمكن أن تغدو قصة نجاح إقليمية إذا توافرت الرؤية، والنو-هاو، وشبكات الشراكة، لتتحوّل المنطقة من مستهلك للتقنية إلى مُنتِجٍ ومطوِّر لها.

للاطلاع على كافة التفاصيل يمكنكم مشاهدة الحلقة على قناتنا باليوتيوب مع ضيفنا شريف دياب

 

 

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *